ديل بييرو10

في قلبي كلمات ،، أبت إلا أن تخرج الآن ،، إختارت التوقيت ،، المكان ،، والزمان . إستهدفت فيه أسطورة
من أساطير الكُرة ،، لتعبر له عن شعورها وما بداخلها ،، شعور تملؤه المُحبه ،، شاركت به المُحبين ،،
وشاطرت من خلاله المُتيمين ،، لأسم خُـلّـد للتاريخ ،، لملك .. إملتك كُل القلوب ،، آليساندرو ديل بييرو !!

بدأت قصّـة ولادة الأسطورة ،، عندما كان يلعب مع ثلاثة من أصدقاءه خلف فناء المنزل ،، كانوا جميعاً
يحلمون أن يكونوا أساطير في كُرة القدم ،، لكن " آليكس " وحده من حقق الحُلم ،، ومن إمتلك المفتاح لتحقيقه !

كانت بداية " ديل بييرو " كطفل صغير يتنفس كُرة القدم ،، كـ حارس مرمى ،، عندما كانت والدته توصي بذلك
خشية أن ييعرق أو يُصاب وينجرح صغيرها ،، إلا أن أخاه لم يكن مُقنعاً بتلك الفكرة ،، ولا يراها مناسبة ..

فـ قال شقيق آليكس ،، وقدم إقتراح ،، غير مسار ذلك الصغير ،، ومجرى حياته الكُروية كُلياً عندما قال :
’’ ألا ترون أن أليكس سـ يكون جيداً في الهجوم ؟ ‘‘ وبعد ذلك تغيّر المركز ،، وأتت ثمار التغيير

يُقال دائماً أن الصدفة تصنع النجوم ،، لولا تلك الكلمات ،، لكان ديل بييرو مُجرّد حارس مرمى ،، قد يرميه
الزمان إلى أقرب حاويه للهواة ،، فـ بالتأكيد لن يكون بوفون إيطاليا ،، ولن يكون لإسمه أي معنى في كُرة القدم .

مسيرة الملك ،، هي رواية ،، جمعت قصص لأروع الأساطير ،، فلُخصّت وتلخصت ،، في سيرة واحدة ،،
عادلت وتُعادل مسيرة الكثير من الكبار ،، إلا أن لها من الطعم الخاص ،، ما يكفي لإن تكون " فريدة " من نوعها .

مسيرة الملك ،، مليئة بـ الحُب ،، بـ العشق ،، بـ الهيام ،، بـ المودة ،، بـ التضحية ،، بـ الإخلاص ،، بـ الوفاء
يُمكن القول بـ أنها كانت ( قاموس ) يحوي أروع معاني المحبة ،، وأجمل قصص العشق ،، وأمتع روايات الغزل !

مسيرة المُلك ،، بدأت فعلياً ،، عندما إرتبط رسمياً بـ السيدة العجوز ،، السيدة التي لا تموت ،، والتي لطالما
إرتبطت بـ كبار الأساطير عبر التاريخ ،، رحل منهم من رحل ،، وبقيت ذكراهم وذكرياتهم في قلوب محبيهم

إلا أن إرتباط الملك بتلك السيدة ،، كان من النوع الخاص ،، إرتباط عُنون بـ معاني المحبة ،، إرتباط لا يلغيه
أزمة ،، ولا تلغيه الظروف ،، عندما سقطت السيدة العجوز ،، عندما مرضت دون من يُداويها ،، عندما تخلت

إيطاليا عن سيدتها ،، عندما إحتفلت بإنجاز الوطن ،، وتناست أبناء السيدة المُنجزين ،، عندما تراقص الأعداء
فرحاً ،، وعندما بكى المحبين ،، عندما سقط اليوفينتوس إلى الدرجة الثانية ،، عندما غدرت الإدارة بـ لاعبيها

فـ هرب النجوم ،، من شبح الهبوط ،، تهاطلت عليهم عروض الإغراء ،، فـ قرروا الخروج ،، وفكوا إرتباطهم
بـ تلك السيدة ،، التي كانت بـ أمس الحاجة إليهم ،، وما بقي منهم إلا الأوفياء ،، إلا من هم على شاكلة ديل بييرو

رغم الظروف الصعبة ،، رغم الأزمات الخطرة ،، ورغم الضغوطات الكبيرة ،، عادت السيدة العجوز من جديد
وما كانت لتعود لولا أنها تلك السيدة ،، وما كانت لـ تعود ،، لولا أن قائداً لها ،، إسمه آليكس ديل بييرو ،،

عادت بعد أول هبوط ،، عادت بالمركز الأول ،، المركز الذي لطالما إرتبطت به وأرتبط بها ،، إعتادت عليه
وإعتاد عليها ،، عـادت وقـد كان الملك والقائد ،، هدافاً لدوري الدرجة الثانية ،، برصيد الـ 21 هـدف !

وما أن عادت ،، بظروفها الصعبة ،، بمشاكلها المادية ،، بضغوطات الجماهير ،، بأنظار الإعلام والإعلاميين
عـاد الملك ليُمارس هوايته ،، وليحصد لقب الهداف من جديد ،، وهذه المرّه ،، على الدوري الدرجة الأولـى !!

حتى بـ لغـة الأرقام ،، كانت وتكون لـ " ديل بييرو " الكلمة العليا ،، الأسم الأعلى ،، ليكون ساطعاً كالقمر ،،
ومُشعاً كما هي الشمس في وضح النهار ،، ديل بييرو واليوفي ،، حكاية عنوانها (650)لقاء ،، بـ (277) هدف !!

بالأرقام ،، ديل بييرو هداف اليوفي التاريخي ،، بـ رصيد (277) هدف . بالأرقام ديل بييرو هداف اليوفي
التاريخي في أوروبا ،، بـ (45) هدف . بالأرقام ،، ديل بييرو أكثر من ظهر بقميص اليوفي ،، بـ (650) لقاء !!

وبعيداً عن إيطاليا ،، بالأرقام ،، ديل بييرو اللاعب الوحيد الذي خاض (4) نهائيات لدوري الأبطال ،، بالأرقام
ديل بييرو اللاعب الوحيد الذي رفع كأسي الدوري الدرجة الأولى ،، والثانية ،، مع لقب ( الهداف ) لكلاً منهما .

بالأرقام ،، ديل بييرو هو الرقم (4) في قائمة الهدافين التاريخيين لإيطاليا مع المُنتخب . وبالأرقام فإن هدفه في كأس العالم ،،
في مرمى الألمان في الدور النصف نهائي ،، كان له الرقم القياسي كـ آخر هدف يُسجل في الدقيقة (121) !!

في ركلاته الثابتة ،، قصة أخرى لـ روائع ديل بييرو ،، إمتاز بها الملك ،، وتميّزت بها قدميه ،،
وأخذ اليوفي كثيراً من الأسبقية ،، من خلال تلك الركلات ،، وتلك الأقدام ،، ومن بوابة ديل بييرو !!

عندما يسقط أحد لاعبي اليوفي ،، يُصفر الحكم ،، يٌعلن عن ركلة حُرة مباشرة لليوفينتوس ،، تبدء قلوب الجماهير
تخفق بـ شدة ،، مابين الخوف ،، الإنتظار ،، الترقب ،، والدعوات ،، للأنصار بهدف ،، وللخصم أن لا يسدد ديل بييرو !!

تبدء الركلة بـ وقفة ،، فـ نظرة ،، فـ خطوات ،، فـ تسديدة ،، فـ ترقب ،، فـ شباك
تهتز ،، فـ جماهير تصرخ ،، فـ صافرة حكم .. تعلن هدفاً بالتخصص للملك ديل بييرو !!


ركلات ثابتة ،، كانت كُلها ركلات جزاء ،، وكان الفارق بينها ،، وجود حائط الصد البشري ،، ليستمتع
بالمشاهدة ،، وليكون جزء من تلك الركلة ،، ومن تلك الكُرة ،، ومن ذاك الهدف ،، والأهم أن يكون وقوفه أمام الملك !!

في إحصائية قامت بها صحيفة الـ AS المدريدية ،، تحدثت عن أن الملك هو أفضل من يسدد
الركلات حُرة في أوروبا ،، بـ تسجيله 14 ركلة ،، من أصل 41 بمعدل 34.30% هدف !!

متفوقاً على بيكهام ،، على رونالدينهو ،، على كارلوس و بيرلو وكريستيانو وبقية المُميزين . ليس لشئ
سوى لإنه الملك ،، لإنه المُعلم ،، لإنه القائد ،، ولإنه القدوة في كُل شئ ،، وعلى كل شئ يكون قدوة !!

في كُرة القدم ،، نؤمن بـ معنى ( العقدة ) ،، ومصطلح ( التعقيد ) ،، الذي دائماً ما كانت تحكي قصص مليئة
بالإثارة والإنتظار والترقب ،، بين إستمرار العقدة ،، وبين إنتظار من يفكها وينهي مُسماها ..

ديل بييرو و مدريد ،، هي جزء من تلك الكلمة وذاك المصطلح ،، هو مثال حي ،، يحكي عن واقع مؤلم للمدريديين
وجميل لأبناء تورينو . ديل بييرو الذي صال وجال في مدريد ،، ديل بييرو الذي خسر نهائي مدريد في 98 ،،

فـ انتقم شر إنتقام . ديل بييرو ومدريد ،، ومواجهات عديدة ،، كانت دائماً تصب في مصلحة أبناء تورينو . ديل
بييرو ومدريد ،، حكاية مواجهات ثلاث ،، بين ذهاب وإياب ،، خرج اليوفي منها مُنتصراً ،، وأخرج الريال منها ذليلا

أما آخر الحكايات ،، فـ كانت في دور المجموعات ،، عندما تسيد اليوفينتوس رأس المجموعة ،، وحل الريال ثانياً
من بعدهم ،، كان لـ ديل بييرو الفضل الأول والأخير في ذلك الترتيب عندما سجل في مرمى الريال (3) أهداف !

كانت كفيلة في أن تضع اليوفي في صدارة الترتيب ،، بعد الفوز ذهاباً وإياباً بـ فضل الملك ،، وبعد أن سجل
هدفين في البيرنابيو ،، قبل أن يخرجه المُدرب رانييري ،، وقبل أن يقف جمهور البيرنابيو ،، ويصفق ويحيي الملك قبل خروجه !!

في لقطة تاريخية ،، في لحظة أسطورية ،، في موقف إستثنائي ،، وفي موقعة وحرب ومعركة أوروبية
كلاسيكية بين يوفينتوس والريال ،، خرج منها الجميـع ،، بـ جُملة مفادها ومحتواها ،، ( ديل بييرو 2 - ريال مدريد )

تلك ذكريات الماضي يا ريال ،، لحظات الأمس يا مدريد ،، ولكن .. غداً تنتهي غداً تنقضي وغداً تنقرض
تلك العقدة ،، غداً يُمكن أن تعود المٌنافسة ،، غداً يُمكن أن يعود الريال ،، غداً يُمكن أن يتبدل الحال ،، ويتغير !

لإن غداً ،، لن يكون ديل بييرو القائد ،، لن يكون ديل بييرو حاضراً ،، ولن يكون ديل بييرو متواجداً في
المُباراة وعلى أرضية الميدان . غداً ،، سـ تتنفس الصعداء يا مدريد ،، وكل من كان ضحية .. لـ ديل بييرو !!
وداع الأساطير أمر صعب ،، لكنه أمر حتمي قبل ذلك . لكل شئ نهاية ،، ولكل نهاية يوم ،، ولكل يوم تاريخ ،،
ولكل تاريخ معنى ،، ولكل معنى إسـم ،، ولكل إسم إرتباط ،، ولكل إرتباط أسطورة ،، ولكل أسطورة نهاية !!

هكذا يبدء الحال ،، وهكذا ينتهي . ولهذا ،، لعلنا جميعاً يجب أن نكون في أتم الإستعداد ،، لأن نسمع كلمات رحيل
الملك ،، كلمات نهايته ،، وكلمات إعلانه للإعتزال . نعم سـ نستقبلها بـ الدموع ،، بـ البكاء ،، وبـ الحسرات !!

ديل بييرو ،، الذي لطالما كان يغني ،، رغم الظروف ،، رغم الصعاب ،، ورغم المصائب ،، وكانت الجماهير ترقص
على جراح اليوفينتوس ،، ترقص رغم الحزن ،، رغم الأسى ،، ورغم المآسي ،، فقط لإن ديل بييرو يغني !

في ذاك اليوم ،، لن تجد الجماهير من يغني ،، لن تجد من يشبعها رقصاً ،، ولا من يروي متعطشها ،، ولا من يمتع عينيها

في ذلك اليوم ،، لن تجد الجماهير إلا أن جراح اليوفي تزداد بفراقة ،، وأعين إيطاليا والعالم تبكي لإعتزالة !!
يوم أسود سيحل على تورينو ،، على إيطاليا ،، على أوروبا ،، وعلى العالم . شمعة أخرى تنطفئ من شمعات

الأساطير ،، وداع آخر يتجدد ،، موعد آخر يحل ،، وهذه المرة ،، سيكون قاسياً جداً للجماهير . لإن ديل بييرو
لم يكن يوماً معشوق جماهير ناديه فقط ،، بل كان له في كل قلب متابع ،، جزء يحمل إسمه ،، ويخفق بحبه !!
لهذا ،، تقبل أيها الملك ،، كلمات وداعك الآن ،، بدموع الوداع التي تنهمر ،، بـ كلمات الفراق التي تبكي ،،
وبمشاعر الحب التي لا تموت ،، وداعاً حبيب الملايين ،، وداعاً أيها التاريخ ،، وداعاً .. آليساندرو ديل بييرو !!